حرق المكتبات
لو بقيت سياسة نشر الأفكار أو الإيديولوجيات أو التعاليم المفروضة قسراً على الشعوب بمستوى إلغاء الأفكار الأخرى و تحريمها و محوها من العقول لكان العالم بألف خير . لكنها تجاوزت هذا إلى عملية تدمير شاملة لكل ما كان يخص تلك الأفكار . فكانت المكتبات تحرق ، و العلماء المتخصصين بالفكر المحرّم يلاحقون و يذبحون ، و تدمّر جميع النقوش و التماثيل و الرسوم الجدارية و غيرها من أشياء لها علاقة بتلك الأفكار المحرّمة . فأصحاب الفكر الجديد ( الكهنة و الساسة و الحكام .. ) لا يمكن أن يطمئن بالهم قبل القيام بهذه المجازر الفكرية القبيحة . و إليكم بعض الأمثلة على هذه الفضاعات الوحشية التي دفعت ثمنها الشعوب غالياً . مع العلم أن هذه الأمثلة القليلة هي ما تم توثيقها في المراجع التاريخية ، أما تلك التي تعرضت للنسيان و لم تذكر في أي مرجع ، فهي كثيرة جداً جداً ..
ـ في سنة 335 ق.م ، قام الإسكندر الأكبر بحرق مكتبة برسيبولس ، و يقال أنه كان فيها عشرة آلاف مخطوط .
ـ في سنة 270 ق.م ، قام الإمبراطور الصيني " تسي شن هوانغ " بإحراق جميع الكتب العلمية و التاريخية الصينية ، و يقال أن عددها كان مئة ألف مخطوط .
ـ في سنة 48 ق.م ، أحرقت جميع الكتب الملحقة بمعبد أبولو في اليونان .
ـ في سنة 48 ق.م ، قام يوليوس قيصر بإحراق مكتبة الإسكندرية .
ـ في السنة الأولى بعد الميلاد ، احرق الإمبراطور الروماني أغسطس كل الكتب الغريبة على الرومانيين ، و مصدرها الهند و التبت و مصر الفرعونية ، و كان عددها ألفي كتاب .
ـ في سنة 54 م ، أمر القديس بولس بإحراق جميع الكتب الموجودة في مدينة افسوس .
ـ في سنة 296م ، أمر الإمبراطور دقليانوس بحرق جميع الكتب و المخطوطات الإغريقية و الفرعونية الموجودة في البلاد .
ـ في نهاية القرن الثالث ، قام الحكام المسيحيون بإحراق جميع مكتبات افسوس التي احتوت على الآلاف من الكتب و المراجع النادرة .
ـ في سنة 389م ، أحرق الإمبراطور تيودوسيوس جميع المكتبات المعروفة في عصره ، و كانت أعدادها هائلة جداً .
ـ في السنة 490م ، أحرقت مكتبة الإسكندرية مرة ثانية .
ـ في سنة 510م ، هاجمت الجماهير مكتبة روما و أتلفوا كل ما احتوته من كتب و مخطوطات مهمة تعد بعشرات الآلاف .
ـ في سنة 641م ، أحرقت مكتبة الإسكندرية مرة ثالثة .
ـ في سنة 728م ، أحرق ليون ايزوري مكتبة بيزنطة ، و كان فيها ما يزيد على نصف مليون كتاب .
ـ في سنة 789م ، أحرق الملك شارلمان جميع المخطوطات و المراجع الوثنية المضادة للكنيسة .
ـ في سنة 1221م ، أحرق هولاكو مكتبات العراق .
ـ في القرن الثالث عشر كان الكهنة المسيحيين قد أحرقوا كل المكتبات في جميع أنحاء أوروبا .
ـ في القرن الرابع عشر، قامت محاكم التفتيش بحرق جميع الكتب و المراجع المضادة للمسيحية خوفاً من تأثيرها السلبي على الشعب .
ـ في القرن السادس عشر ، قام الأرشيدوق " دييغو دي لاندا " بحرق كل مكتبات المكسيك القديمة .
ـ في سنة 1566م ، أمر نائب ملك بالبيرو ، كان اسمه " فرانشيسكو الطليدي " ، بحرق كل الرسوم و النقوش الموجودة على اللوحات و جدران المعابد القديمة ، و التي تحدثت جميعها عن حضارات أمريكا الجنوبية التي لازالت غامضة حتى الآن .
ـ في القرن الثامن عشر ، هبط الكاهن سيكار إلى مصر ، و راح يجوب البلاد و يشتري المخطوطات النادرة من الأهالي ثم يحرقها ! بقصد القضاء تماماً على العلوم المعادية للدين .
ـ في سنة 1790م ، قامت محاكم التفتيش بإحراق جميع أعمال العبقري البرتغالي " جيسماو " الذي توصل إلى صنع أول طائرة في التاريخ الإنساني المكتوب ، بالإضافة إلى علوم الكيمياء الغريبة التي أبدع بها .
ـ في الحروب النابليونية ، تم تدمير أو نهب الكثير من المكتبات الكبيرة في أوروبا .
ـ في الحرب العالمية الأولى ، دمرت مكتبات أو حرقت أو نهبت .
ـ الحرب العالمية الثانية ، تم تدمير مكتبات كثيرة تحتوي على مخطوطات و مراجع نادرة لا يمكن استعاضتها أبداً . و فقد الإنسان علوم كثيرة تم التوصل إليها حديثاً ، لكنها اختفت من الذاكرة الإنسانية بعد هذا التاريخ .. و ربما إلى الأبد .
ـ يجب أن نتذكر أمراً مهماً هو أن كل معركة ، كل غزوة ، كل ثورة أو انقلاب جماهيري ، يتم فيها حرق و تدمير و نهب الكتب و المرجع و المخطوطات و التماثيل و الرسومات و النقوش و غيرها من أشياء تمثّل فكر معيّن شاء القدر أن يمحوه تماماً من الوجود عن طريق كائنات متوحشة تمثّل أقبح أنواع البشر و أكثرها انحطاطاً .. فكم معركة أو غزوة أو ثورة حصلت عبر هذا التاريخ الإنساني الطويل ؟.....